
لطالما أثار هذا السّؤال أفضل المفكّرين في عالم التّجارة والأعمال، ولقد تمّ تأليف العديد من الكتب عن موضوع القيادة، ولكن قلّ التّركيز على تعريف القيادة.
فيما يلي نفي بعض الأمور التي تنسب لمفهوم القيادة:
1. لا علاقة للقيادة بمنصب الفرد،أو أقدميّته في السّلم الهرميّ في المؤسّسة.
فعند الحديث عن القيادة في الشّركات، يستحضر الأفراد أسماء لكبار الموظّفين من حيث الأقدميّة في المؤسّسة، ولكن هذا ليس شرطا، فالقيادة ليست مجرد أن يرتقي الـموظّف في راتبه أو مكانته في الـشّركة.
2. لا علاقة للقيادة بالألقاب.
لا تصنع الألقاب القادة، فليس مجرد حصولك على لقب ما سيجعل منك قائدا، فلا حاجة لنيل الألقاب من أجل أن تقود، لأنّه يمكنك أن تكون قائدا في مكان عملك،أو في الحيّ الّذي تعيش فيه أو في عائلتك.
3. لا علاقة للقيادة بالسّمات الشّخصية.
عند ذكر كلمة قائد، تتبادر في أذهاننا صفات: مثل “مهيمن”، “مسؤول”، “له القدرة في التّأثير على الآخرين” ” كاريزماتي”. وعندها تستحضر الشّخصيّات التّاريخيّة العظيمة، مثل أبراهام لينكولين أو الجنرال باتون، ولكن القيادة لا تقتصر على هذه الصّفة، فليس شرطا أنّ كل من يتحلّى بهذه الصّفة أن يكون قائدا .
4. القيادة ليست إدارة.
تختلف القيادة عن الإدارة، فالإداريّون ينشغلون بالّتخطيط، والقياس، والمراقبة، والتّنسيق، والحلّ، والتوظيف، والفصل وعدة أمور أخرى، بينما ينشغل القائد بقيادة النّاس.
ما الّذي يجعل الفرد قائداً؟
يعرض د.ترافيس بعض التّعريفات للقيادة لأكثر المفكّرين بروزاً في مجال الأعمال، ويناقش نقاط ضعفها. فمن بينها تعريف “بيتر دراكير” الّذي يرى أنّ”التّعريف الوحيد للقيادة هو: أنّ القائد هو الشّخص الّذي يتبعه الآخرون” .
ينتقد د.ترافيس هذا التّعريف وينعته بغير الدّقيق، إذ أنّه لا يعكس المعنى الحقيقيّ للقيادة مستعينا بمثال لجيش معين يتلقّى الأوامر من قائد عسكريّ جديد، ويقول إنّه لمن الطبيعيّ أن يتّبعه الجنود وينفّذوا أوامره، ولكن هل هذا يجعله قائداً؟ لا، فهو حتماً آمر، ولكنّه ليس قائداً. فمن الممكن أن تُعطى الأوامر من قبل النائب الذي يتلقاها بدوره من الآمر الأعلى منه مرتبة، وبذلك لا يكون هناك أيّ اتصال بين القائد العسكريّ وبين الجنود.
أمّا “وورين بينيس” فإنّه يعرّف القيادة على النّحو التّالي:”القيادة هي القدرة على تحقيق الرّؤية على أرض الواقع”.
يعرض الدّكتور ترافيس مثلا لنقد هذا التّعريف فيقول: في بداية كل ربيع، يبني كلّ مزارع خطة لزراعة النّباتات والأزهار في حقله أو حديقته، ومع الكثير من الجهد والعناية تصبح الطماطم والجزر “حقيقة”. فهل بهذا تتحقّق القيادة؟ لذلك فإنّه يرى أنّ هذا التّعريف ” يفتقر حتما لمفهوم “الآخر”.
أمّا جون ماكس ويل فإنّه يعرّف القيادة على النّحو التّالي: “القيادة هي التّأثير، لا أكثر ولا أقل”.
ينتقد د.ترافيس هذا التّعريف على أنّه غير شامل ومختصر للغاية، فيعرض مثالا عن سارق مسلّح “يؤثّر” على ضحيّته، ومثالا آخر عن مدير عمل يمتلك القدرة على فصل الموظّفين، فكلاهما يدلّان على قوة التّاثير، ولكن هل يجعل هذا التّأثير من السّارق أو المدير قائداً؟
وبذلك يحذف تعريف “ماكس ويل” مصدر التّأثير.
إذاً ما القيادة؟
“القيادة هي عمليّة تأثير مجتمعيّة يتمّ فيها تعظيم جهود الآخرين من أجل تحقيق أفضل النّتاج”.
العناصر الأساسيّة للتّعريف:
1. تشتقّ القيادة من التّأثير المجتمعيّ وليس من السّلطة والقوّة.
2. تتطلّب القيادة وجود أتباع يقودهم القائد.
3. لا تتطلّب القيادة ذكرا للصّفات والخصال الشخصيّة، أو حتّى الألقاب، فهناك أساليب جمّة وطرق متنوّعة لتحقيق القيادة الناجعة.
4. تتضمّن القيادة منفعة أكبر وليس مجرّد تأثير بدون نتائج مرادة.
القيادة هي طريقة تفكير مطبّقة على أرض الواقع، لذا لا تنتظر حيازة الألقاب، لأنّ القيادة ليست بأمر يمكن للآخرين إعطاؤك إياه، بل عليك السّعي لاكتسابه.